التغير العلمي يعني التغير الاجتماعي
لقد فاق العلم اصحاب الخيال من الحاملين بالمجتمعات الساسية او المتنبئين بالمجتمعات الميكانيكية فحقق كثيرا من احلام جول فيرن وحقق اكثر من دلك مما لم يحلم به جول فيرن والمخترعات الحديثة من الات الحصاد واجهزة السنيما ومكنات الطباعة والتطورات العجيبة فى عالم الكيمياء التخليقية والتى زودت العالم بالروائح الجديدة والعقاقير والات من المركبات النافعة، كل هذه الاشياء لم تسترع انتباه جول فيرن، على الرغم من ابهاقد احدثي من التغيير والتطور فى حياة الانسان وعاداته اكثر مما فعلت الغواصات التى تسير عشرين الف فرسخ تحت البحر.
ولقد كتب جول فيرن اغلب اعماله الخيالية خلال النصف الثانى من القرن الماضى،ولوانه بعث اليوم لفغرفاه من الدهشة ولاعترته الحيرة والذهول لما يراه ويسمعه ويحسه ولسوف يتعجب من ذلك الصحفى الذى يصف احد المؤتمرات الطيبة فيسوق عددا من العبارات الغريبة (فيتامين_هرمون _المضادات الحيوية) فهذه الكلمات بعد ولم يكن باستير وكوخ قدتوصلا الى فتوحاتها العلمية حين كتب فيرن قصته الشهيرة (رحلة الى مركز الكرة الارضية )، ومن ثم فهولا يعلم الا القليل عن طبيعة العدوى البكتيرية ، وافل من ذلك عن الامراض التى تسبيها الفيروسات وعلى الرغم من ان طبيب تلك الايام (1864 ) لم يكن مشعوذا الا انه لم يكن يعلم اكثر من فكرة سطحية عن (الوسائل العلمية فى الطب )
فهولا يحاول قياس ضغط الدم الذى هو من اوليات الفحص الطبى وليس من رسم للقلب ليتعرف على انتظامه وسلامته ،ولا سبيل الى فحص الصدر او الامعاء بوساطة اكس _فقدكان رونتجن انذال مايزال صبيا صغيرا وما يعنيه هذا التقدم الطبى تعبر عنه فرص الحياة كما تتحدث عنها شركات التامين فالاطفال الذين ولدوا 1850 كان (متوسط العمر ) امامهم (كما يسميه رجال الاحصاء ) لا يزيد على 8 ر41 سنة بالنسبة للذكور ،9 ر44 سنة بالنسبة للاناث يقابلها عام 1948 متوسط قدرة 49 ر65 للذكور ، 4 0 ر71 للاناث
ولسوف تاخذ الاضواء المتلالئة فى المدن بيصر جول فيرن ويدهشه انقراض الخيل من الشوارع لتحل محلها السيارات التى تنطلق حولها فتئير فيه الخوف والفزع ،فاذا حلق بيصره راى الطائرات معلقة فى الجو ،وهو يشهد السيمنا والراديو والتليفزيون فيعجب بها ويعجب من امرها ،لانه لا يفهم كيف تعمل ويتامل ناطحات السحاب الفارهة الخمة ولايدرك الحاجة الاقتصادية التى امات تشييدها بهذا الارتفاع .
ولقد كان عالم جول فيرن (الذى انتقل من كتابة القصص الى الخيال العلمى ) عالما يسود الا كتفاء الذاتى اكثر من العالم الذى نعيش فيه ، على الاقل فيما يتعلق بالمعتقدات العلمية - فقوانين نيوتن كانت تعتبر مقدسة ،وكان الضوء طبقا للمكتشفات الرياضية لجيمس كلارك ماكسويل ينتقل الينا من الشمس او من شمعة متقدة كمجموعة من التموجات فى الاثير ،وهوالوسط الذى كان يظن انه يسود كل شى وانه ارق من اى غاز ومع ذلك فهو اشد صلابة من الفولاذ وكانت الذرات اصغر وحدات لاتقيل لانقسام وتتركب منها المادة وكان الوحيد الذى ينهلك هذا السلام والذهنى هو شارلزدارون بكتابه اصل الاجناس (1859 ) وظهور الانسان (1871 ) ، اللذين هزا العالم الغربى عند ظهورهما هزا عنيفا - لكن الامر ما لبث ان استتب امام اراء دارون واقتنع العالم خيرا بضرورة اعتبار جميع المخلوقات وكانها الساة والحمة فى نسيج واحد ونكاد نقول ان جميع المعتقدات العلمية الاساسية التى كان يعتقد بصحتها جول فيرن قد تحطمت او عدلت بما فى ذلك نظرية دارون ذاتها ففكرة الاختيار الطبيعى ( التى يمكن نشبهها بمنجل الحصاد ) لاتفسر نشوء الاجناس الجديدة ثم جاء دى فرى وزملاوه اوائل القرن الحالى فوضعوا نظرية الطفرة التى فسرت هذه الظاهرة وعلماء الاجناس فى عصرنا الحاضر لا يعتقدون فى ان الانسان منحدر عن القردة التى عاشت فى العالم القديم ، كما قال دارون ، بل ( كما قلنا من قبل ) ينحدر الانسان والقرد من فرعى غصن واحد من شجرة عائلة واحدة .
اما فيما يتعلق بفكرتنا عن العالم من حولنا ، فقد صاغ البرت اينشتين وهو ما يزال موظفا صغيرا بمكتب براءات الاختراع بسو يسرا ، صاغ نظرية النسبية فى عامى 1905 ،1915 فاوضح ان قوانين نيوين لا تنفق مع الواقع كما اطاح كذلك بفكرة الاثير الجوى اما ماكس بلانك فقد استطاع ان يقنع علماء الفيزياء بان الضوء والاشعاع بوجه عام لا تاتى كموجات اثيرية ولكن على شكل حزم تسمى ( الكم ) وفى عام 1895 اكتشف هنرى بيكوريل بطريق الصدفة ان اليورانيوم عنصر مشع ، وثمة حادثة اخرى وقعت فى نفس العالم حين اكتشف ولهلم كونراد رونتجن انه مررتيار كهربى بين قطبين عبر انبوبة مفرغة تنبعث من احد القطبين اشعة غير رئية يمكنها ان تخترق الحم وتظهر عظام الجسم وفى عالم 1897 استطاع جج تومسون من جامعة كمبردج ان يتعرف على ان التيار فى مثل تلك الانبوبة بتكون من الكترونات بيلغ كل منها 1840 من ذرة الايدروجين - وهكذا انهارت تلك النظرية التى سادت منتصف القرن من ان الذرة هى اصغر وحدة كيماوية ممكنة وفى عالم 1898 استطاع بيير كورى وزوجته ان يكتشفا ان عنصر الراديوم اكثر اشعاعا من اليورانيم ، وهو يشبه اليورانيم فى كونه يطلق قطما من نفسه ادق كثيرا من الذرات .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق